النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة خلال إفتتاح اشغال المؤتمر العاشر لإتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب

ولاية بوجدور ، 20 ماي 2022 (واص)  – القى رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد ابراهيم غالي كلمة عشية اليوم الجمعة خلال إشرافه على إفتتاح  أشغال المؤتمر العاشر لإتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب .

وفيما يلي النص الكامل للكلمة :

كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين لاندلاع الكفاح المسلح، وافتتاح المؤتمر العاشر لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب.

ولاية بوجدور، 20 ماي 2022

بسم الله الرحمن الرحيم

مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي،

جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، في الأراضي المحررة ومخيمات العزة والكرامة والجاليات،

المؤتمرات والمؤتمرون،

ضيوف شعبنا الكرام،

إنه لاختيار موفق وحكيم حقاً من جهات الإشراف والتحضير الوطنية أن يتم الجمع بين تخليد الذكرى التاسعة والأربعين لاندلاع الكفاح المسلح وعقد المؤتمر العاشر لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب.  إن هذا الاقتران يكتنز عميق المعاني وبليغ الدلالات لأن الحديث عن ثورة العشرين ماي يبقى ناقصاً ما لم يرتبط بالشباب.

نحن نتحدث اليوم عن حدث مفصلي حاسم في تاريخ الشعب الصحراوي، والذي جاء عشرة أيام بعد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، التنظيم الوطني الطلائعي القائد لكفاح شعبنا من أجل الحرية والاستقلال.

إن اندلاع الكفاح المسلح في الصحراء الغربية في 20 ماي 1973 جاء تتويجاً لمسار طويل من المقاومة الوطنية في فترات زمنية متفاوتة، ومحطات بارزة عديدة، على غرار انتفاضة الزملة التاريخية، بقيادة الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري. لقد اختطفت أيادي الغدر الاستعمارية الإسبانية بصيري وهو في ريعان الشباب، وكان معه أغلبية من الشبان المنخرطين في المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء.

هذا العنفوان وهذا الحماس في الشباب الصحراوي، الذي تشرب بوعي وطني تحرري مستـشرٍ في المنطقة والعالم، دفع ثلة من الشبان للمسارعة إلى إعلان الثورة وتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، والشروع في الكفاح المسلح.

جيل كامل أفنى زهرة شبابه وعمره في خدمة القضية الوطنية، وتولى مهام التخطيط والإعداد والتنفيذ، وتحمل مسؤولية قيادة المشروع الوطني الصحراوي الجامع.  ولم يتوانَ هؤلاء الشبان ولم يتقاعسوا عن التقدم إلى الميدان وساحات الوغى، وقدموا بسخاء آلاف الشهداء البررة، وفي مقدمتهم مفجر الثورة، شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد، ومن سار على دربه من الرفاق، ولم يبدلوا تبديلاً، من أمثال الشهيد الرئيس محمد عبد العزيز.

ومع  التأكيد والتنويه والإشادة بأن الثورة الصحراوية هي ثورة شعبية شاملة لكل مكونات المجتمع، بكل فئاته وأعماره وفي كل تواجداته، وجب التنويه كذلك بالدور المحوري للشباب، ذكوراً وإناثاً، في اندلاعها وتطورها، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، واستمرارها شعلة متوهجة، حتى استكمال أهدافها النبيلة.

وقد ظل الشباب محوراً قاراً في الخطط والسياسات والبرامج الوطنية، باعتباره العمود الفقري والقلب النابض في الجسم الوطني. ويأتي ذلك في سياق توجه استراتيجي مبكر وفريد تبنته الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، يزاوج بين واجهتي التحرير والبناء، ويركز على الإنسان أولاً، باعتباره العامل الأساسي في حسم المعركة المصيرية.

وليس غريباً أن تحظى قطاعات معينة، إلى جانب الواجهة العسكرية، بعناية خاصة، على غرار التربية والتعليم والتكوين. والدولة الصحراوية تفخر اليوم بما تحقق في ظرف وجيز من عمر الشعوب والأمم في هذا الميدان، وما تـتوفر عليه من خريجين وإطارات وكفاءات، في مختلف المجالات والتخصصات.

وقد كانت لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب مكانة رائدة في هذا السياق، باعتباره رافداً أساسياً من روافد التنظيم السياسي للجبهة،ومنبعاً للطاقات والكفاءات، ومدرسةلتخرج الإطارات المناضلة، الوفية لعهد شهدائها، الملتزمة بمبادئها وبرنامجها ونهجها، والمتشبثة بأهدافها.

جميعنا يتذكر بفخر تلك المساهمات المتميزة للشباب الصحراوي في برامج حملات محو الأمية والتثقيف الشعبي. فالعطلات الصيفية، التي يستغلها شباب العالم للراحة والاستجمام، حولها الشباب الصحراوي، بتجاوب شعبي شامل، إلى زخم نضالي متأجج من الصمود والتحدي، من التضحية والعطاء، من التكوين والبناء.

وبلغ الحضور الشباني في معركة التحرير الوطني واحدة من أروع صوره وتجلياته في تلك الالتحاقات الجماعية، بوطنية وحماسة واندفاع، للشباب بصفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي، والتي شكلت دعماً ثميناً، تعداداً ونوعاً وكفاءة وشجاعة وإقداماً وبطولات وأمجاداً.

وفي اليوم الوطني للجيش، في ذكرى اندلاع الكفاح المسلح، حري بهذا المؤتمر أن يستحضر هذا التاريخ الناصع وهذه التجربة المتميزة وكل هذه المغازي والمعاني والدلالات العميقة.

كيف لا ونحن اليوم نخوض غمار مرحلة جديدة من حربنا التحريرية، عنوانها الأبرز استئناف الكفاح المسلح، في ظل تحديات ومخاطر وتطورات متسارعة في منطقتنا وفي العالم.

الأخوات والإخوة،

إن استئناف الكفاح المسلح هو نتيجة طبيعية ومنتظرة لواقع الجمود الخطير في مسار تسوية النزاع المغربي الصحراوي. فدولة الاحتلال المغربي لم تتوان في الإمعان في تعنتها ومساعيها لفرض أمر واقع يروم تشريع احتلال عسكري لا شرعي بمختلف الأساليب. كل ذلك في ظل صمت مريب وتغاضيٍ يصل حد التواطؤ من أطراف دولية معروفة، بما في ذلك على مستوى الأمم المتحدة.

هذه السلبية من طرف مجلس الأمن الدولي شجعت دولة الاحتلال المغربي على تكثيف وتنويع ممارساتها العدوانية الغاشمة. فلم تكتف بالانتهاك الصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار منذ 13 نوفمبر 2020، ولا باستهداف المدنيين العزل بأسلحة دمار متطورة، بل عززت تجربتها الترهيبية المعروفة بممارسة الإرهاب علناً. هذا توصيف منطقي جداً لما قامت وتقوم به دولة الاحتلال المغربي في حق المواطنات والمواطنين الصحراويين في الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية. فالهجوم المتواصل على المناضلة سلطانة خيا وعائلتها بلغ حدوداً خطيرة إثر استهداف منزل العائلة بمحاولة واضحة لهدمه وتحطيمه على رؤؤس من فيه، بمن فيهم المتضامنان الأمريكيان رُوثْ ماكدونوثRuth Macdonough و تيم بولتاTim Pulta.

وهذه مناسبة لنبعث برسالة التضامن والمؤازرة والإشادة إلى هذه العائلة الصامدة وإلى أسرى الحرب المدنيين الصحراويين في السجون المغربية، وفي مقدمتهم أسود ملحمة اقديم إيزيك، وإلى عائلاتهم ومن خلالهم جميعاً إلى كل بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال في الأرض المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية.

تحية خاصة، ملؤها التقدير والامتنان للناشطة الحقوقية الأمريكية رُوث ورفيقها تيم، وهي التي تخوض إضراباً بطولياً عن الطعام من داخل منزل عائلة أهل سيد إبراهيم ولد خيا المحاصر، في رسالة احتجاج وتضامن، وصرخة استغاثة وتنبيه للمجتمع الدولي عامة، ولمجلس الأمن الدولي خاصة، من أجل التحرك لإنهاء وضعية غير قانونية وغير طبيعية، اسمها الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي للصحراء الغربية.

ليس من المعقول ولا من المقبول أن يبقى المجتمع الدولي متفرجاً، لأن صمت وتغاضي الأمم المتحدة إزاء هذه التطورات الخطيرة سيشجع من جديد دولة الاحتلال المغربي على المضي في انتهاكها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وإذ نذكر هنا بأن الاتفاق الوحيد بين طرفي النزاع ، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، هو خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، المفضية إلى تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف أو للمساومة في تقرير المصير والاستقلال، وباستعداد الطرف الصحراوي للتعاون مع جهود الأمم المتحدة في هذا السياق، نؤكد بأنه لا يمكن الحديث اليوم عن أي تقدم في هذه الجهود، في ظل هكذا ممارسات عدوانية إرهابية.

الأخوات والإخوة،

في مثل هذا اليوم التاريخي علينا أن نتوقف بفخر واعتزاز، بتقدير وعرفان وامتنان، لنحيي بحرارة جميع الأشقاء والأصدقاء والحلفاء الذين ساندوا ويساندون كفاح شعبنا العادل، من كل قارات العالم.

تحية للجزائر الشقيقة، جزائر العزة والشموخ والإباء، التي تجسد اليوم، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، مواقفها المبدئية الراسخة إلى جانب الحق والقانون والعدالة، مع ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لا تزعزعها الدسائس والمكائد والمؤامرات.

نحيي الجمهورية الإسلامية الموريتانية و شعبها الشقيق، مجددين إرادتنا الدائمة لتعزيز روابط الأخوة والصداقة والجوار والمصير المشترك.

تحية إلى القارة الإفريقية وشعوبها وهي التي سارعت إلى احتضان القضية الصحراوية، وربطت استكمال تحرير القارة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا. وبالمناسبة، ونحن نجدد استعدادنا لمباشرة تنفيذ قرارات الاتحاد، وخاصة قمة إسكات البنادق وقرار مجلس السلم والأمن الإفريقي، بخصوص حل النزاع بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية، كبلدين جارين وعضوين في المنظمة القارية، نطالب الاتحاد بالتحرك لفرض الاحترام الصارم لمبادئ ميثاقه التأسيسي، وخاصة احترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال.

وإذ نحيي الحركة التضامنية الأوروبية عامة، وفي إسبانيا بشكل خاص، بشعوبها وقواها السياسية والنقابية ومجتمعها المدني، نذكر الدولة الإسبانية بأن مسؤوليتها التاريخية، السياسية، القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الصحراوي، ووضعها كقوة مديرة ومسؤولة عن الصحراء الغربية لا يسقطان بالتقادم. وإن قرار بيدرو سانتشث الداعم للأطروحة التوسعية الاستعمارية المغربية هو متاجرة بحقوق الشعوب ومحاولة مخجلة لمصادرة إرادتها، ما يجعل أي ادعاء بالدفاع عن الشرعية الدولية في أي مكان آخر من العالم مجرد أكاذيب ومغالطات مفضوحة.

كما ندعو مجدداً الدولة الفرنسية إلى إجراء مراجعة صادقة لموقفها تجاه النزاع في الصحراء الغربية، بما ينسجم مع الشرعية الدولية ومع رؤية شاملة، تراعي جميع مكونات المنطقة وتحقق السلم والاستقرار الدائم في ربوعها.

ونوجه نداء ملحاً إلى الاتحاد الأوروبي، خدمة للسلام والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والشعوب، للتقيد الصارم بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في الصحراء الغربية. إن أي تعاطي أوروبي مع دولة الاحتلال المغربي، على أي مستوى وفي أي مجال، يمس الصحراء الغربية، أرضاً أوبحراً أوجواً، هو انتهاك صارخ وفاضح لقرارات محكمة العدل الأوروبية، التي أقرت مراراً بأن الصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان. إنه بالتالي اعتداء سافر على صاحب السيادة الوحيد على الصحراء الغربية، الشعب الصحراوي، وعلى حقه الثابت في البت في شأنها، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو.

المؤتمرات والمؤتمرون الشباب،

إننا لننوه بما تحقق خلال العهدة الماضية من مسيرة اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب من مكاسب على جبهات مختلفة، وما أنجز من برامج متنوعة، وما ميز الفترة من فعاليات نوعية، مثل المنبر الشباني العالمي للتضامن مع القضية الصحراوية، إضافة إلى الدور المحوري للمنظمة الشبانية في التعبئة والتحسيس، سواء في التعاطي مع المرحلة الجديدة، بعد استئناف الكفاح المسلح، أو في التصدي لسياسات العدو ودسائسه، أو في مكافحة وباء كورونا، وغير ذلك.

إن الشباب في الواقع يجسد الثورة في أكثر معانيها قوة ودلالة. فهو الإرادة والطموح والمعنويات والثقة والأمل، هو الحاضر المطلوب والمستقبل المأمول. ولذلك فالأبواب مفتوحة ومشرعة أمامه لحمل المشعل عالياً واستكمال مسيرة التحرير، والاقتداء بالآباء المؤسسين، وفي مقدمتهم الشهداء البررة الكرام، وبالتالي تصعيد الكفاح على كافة الواجهات، والاستعداد الدائم للتضحية والعطاء، وبشكل خاص الانخراط في ضفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي.

الأخوات والإخوة،

في اليوم الوطني لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، نرفع تحية المجد والإباء إلى المقاتلين الأشاوش المرابطين في ميادين الشرف، في الجبهات الأمامية، وكلهم عزم وإصرار على الذود عن حرمة الوطن واستكمال مهمة التحرير. إنه يوم متميز، فهو تكريم لكل الشهداء وعائلاتهم، لكل مناضلات ومناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، تكريم لكل الشعب الصحراوي.

إن ما نشهده اليوم من تصعيد لممارسات القمع والحصار واستهداف المدنيين بالأسلحة المتطورة والتحالفات المشبوهة، ذات الأجندات التخريبية، تجعل من دولة الاحتلال المغربي تهديداً حقيقياً وداهماً للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، وخاصة عبر تدفق مخدراتها ودعمها وتشجيعها لعصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية.

ولكنه في الوقت نفسه ينم عن خيبة أمل وفشل ذريع ومركب، فشل في الحصول على تشريع احتلالها الغاشم، وفشل في تغيير الطبيعة القانونية لنزاع الصحراء الغربية، وفشل في كسر إرادة الصحراويات والصحراويين وفي ثنيهم عن التشبث بهويتهم وتميزهم وأهدافهم الوطنية.

وبالفعل، فإن الشعب الصحراوي قد برهن، وهو يلج العقد الخامس من كفاحه الوطني التحرري، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، في كنف الوحدة الوطنية والإجماع، بأنه قد حسم أمره واتخذ قراره بالمضي قدماً على نهج الشهداء البررة لاستكمال سيادة دولته، الجمهورية الصحراوية، على كامل ترابها الوطني، كحقيقة وطنية، جهوية ودولية لا رجعة فيها، وجودها عامل توازن واستقرار في المنطقة.

عاشت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب،

عاشت الجمهورية الصحراوية،

عاش الشعب الصحراوي،

عاش جيش التحرير الشعبي الصحراوي،

عاش الشباب الصحراوي،

كل التوفيق والنجاح للمؤتمر العاشر لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب

كفاح، صمود وتضحية، لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية . (واص)