امانة التنظيم السياسي لجبهة البوليسلريو : الطابور الخامس و الحركات الموازية كظاهرة مرتبطة بالاستعمار

اصدرت امانة الدراسات والبحوث، التابعة لأمانة التنظيم السياسي للجبهة، دراسة تحت عنوان الطابور الخامس و الحركات الموازية كظاهرة مرتبطة بالاستعمار والتي تطرقت فيها لأصل التسمية “المصطلح ” المعروف لدى الأوساط الاكاديمية والاعلامية بالطابور الخامس، حيث اعطت كرونولوجية تاريخية للنشأة وسببها وكيفية توظيفها، وارتباطا بالموضوع اوضحت امانة الدراسات والبحوث، كيف ان الاحتلال المغربي منذ إعلان تأسيس جبهة البوليساريو، كيف قام بتوظيف الطابور الخامس من أجل المس بها او التأثير على نهجها، ورغم كل ذلك في كل محطة يتم فضح دسائس الاحتلال المغربي.

واذ نترككم مع الدراسة الاكاديمية والتي تحمل في طياتها قراءة للوضع العام في ظل الظروف والخطط التي تحيك بشعبنا ورائدة كفاحه الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب

الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
أمانة التنظيم السياسي
أمانة الدراسات و البحوث

التاريخ: 16 ماي 2020

الطابور الخامس و الحركات الموازية كظاهرة مرتبطة بالاستعمار

استعملت عبارة او مصطلح “الطابور الخامس” لأول مرة في التاريخ من طرف الجنرال الاسباني إيميليو مولا إيي فيدال Emilio Mola y Vidal أثناء الحرب الأهلية الإسبانية التي نشبت سنة 1936.
عندما حاصرت قواته من الثوار الجمهوريين المتكونة من تجمع اليسار مدينة مدريد كان تعدادها أربع 4 طوابير، صرح الجنرال مولا Mola لجنوده قبل الهجوم أن لديه طابورا خامسا (la quinta columna) يتواجد داخل المدينة أصدرت له التعليمات للتحرك مباشرة مع بداية دخول الوحدات الأولي لها. و كانت ترابط في مدريد وقتها القوات الوطنية التابعة الجنرال فرانكو Franco.
و هكذا أصبح مصطلح الطابور الخامس متداولا في العلوم السياسية و مستعملا في الصحافة منذ ذالك التاريخ و عم في الادبيات و الكتابات المختلفة للدلالة على وجود موالين و حلفاء للعدو من جواسيس و عملاء و خونة يعملون في السر أو في العلن.
ترسخ المصطلح بهذا المعني أثناء الحرب العالمية الثانية و عم استعماله مع الحرب الباردة و الحروب الاستعمارية التي شهدت ثورات تحرير مسلحة و انتفاضات في جميع أرجاء المعمورة.
فاصبح العميل و المخابر أحد الوسائل المستعملة لتحطيم العدو و الخصم.
و هكذا نظمت الدول جيوشا من المحاربين من ابناء البلد في صفوف المستعمر او المحتل الأجنبي و طوابير من الجواسيس و خلقت حركات موازية من الخونة للقضاء علي ثورات التحرير و السيطرة على شعوب المستعمرات.
و اشتهر من الحركات الموازية و المجندين في القوات الاستعمارية مجموعات الحركة les Harkas أثناء حرب التحريرالجزائرية(1954-1962) حتي أصبح مصطلح “حركي” معروف عالميا و يعني العميل و الخائن لوطنه أي الموالي للمستعمر او العدو و يعود الفضل في ذلك لثورة أول نوفمبر التي حددت الخطوط الحمراء التي تفصل بين الوطني و العميل و حيث أصبحت في هذا الموضوع مثالا عالميا للوضوح و الإلتزام عندما يتعلق الأمر بالوطن و الحرية والكرامة و السيادة.
كما عرفت حرب الفيتنام مواجهات طويلة مع عملاء و أذناب الإستعمار كان هوشى مينه و قيادة ال Viêt Minh يأمرون باعدامهم و هو نفس القرار الذي اتبعته بعض حركات التحرير فى فلسطين و أنغولا و موزمبيق و ناميبيا و جنوب أفريقيا.
الحركات الموازية إذن علي شكل الطابور الخامس أو المجموعات الموالية للعدو، سرية كانت أم علنية، تؤدي خدمات مختلفة حسب الضرورة.
و قد تكون المهام الموكولة الي كل صنف من الأدوات العميلة مختلفة حسب كل بلد و شعب.
فيمكن أن تكون مهام عسكرية أو تخريبية و قد تكون سياسية أو إعلامية و ثقافية.
و في حالة الصحراء الغربية قام المغرب منتصف 1972بعملية إستخابراتية إستباقية عند إعلانه عن إنشاء “حركة المقاومة للرجل الزرق”
(Mouvement de résistance des hommes bleus) MOREHOB.
و بعثها إلي الجزائر حيث إستطاع إدوارد موحا Edourd MOHA و هو ضابط المخابرات المغربي ميلود الفكيكي( بنطق الكاف جيما مصرية ) أن يتم استقباله من لدن قسم حركات التحرر بالجزائر العاصمة التي تتواجد بها مكاتب كل حركات التحرر في العالم من آسيا و أفريقيا و امريكا اللاتينية.
إلا انه و بعد اتصالات عديدة للجبهة مع الجزائر بعد الإعلان عنها سنة 1973 إتضح أمره و لاذ بالفرار.
المخابرات المغربية كانت لديها معلومات مؤكدة عن توجه الحركة الوطنية الصحراوية الي خيار العمل المسلح ضد الإستعمار الإسباني بعد قمع انتفاضة الزملة سنة 1970 و اختطاف الزعيم محمد سيد ابراهيم لبصير. و لأن الظروف أصبحت ناضجة للقيام بحرب التحرير بات الحديث في السر و العلن عن ضرورة و حتمية التوجه إلى الجزائر لأنها هي وحدها المؤهلة في المنطقة لإحتضان كفاح الشعب الصحراوي ضد الإستعمار.
و هذا ما يفسر التحرك الاستباقي للمخابرات المغربية الذي توجهت إلي الجزائر عشرة أشهر قبل الإعلان عن قيام الجبهة الشعبية.
بعد الاحتياج العسكري اللاشرعي لبلادنا لجأ المحتل المغربى في كل حقبة إلي تفريخ لائحة طويلة من الأسماء إعتبرها حركات و أحزاب و مجموعات أو اشخاص يمثلون الشعب الصحراوي.
و هكذا لم تخل منذ سنة 1975 كواليس الأمم المتحدة و المؤتمرات و الندوات الدولية من جلب المحتل المغربي لعملاء يدافعون عن اطروحته التوسعية تحت تسميات و يافطات تجاوز عددها ستة عشر 16 كان أولها “جبهة التحرير و الوحدة” متبوعة ب” جمعية المنحدرين من الساقية الحمراء و وادى الذهب ” Association des originaires du saguia el hamra et rio de oro AOSARIO.
و ستبقي لائحة الطوابير الخامسة و المجموعات من أعوان الإحتلال تتلاحق الواحدة تلوى الأخرى و تتساقط تباعا لأن وجودها مرتبط بمهمة معينة في زمن محدد من لدن الإحتلال و نهايتها كظاهرة مرتبطة بنهايته لأنها جزء منه.
في حروب التحرير الوطني ترمز ظاهرة الطابور الخامس و كل الخطط و الأعمال الموازية التي تعتمد أساسا علي الخونة و العملاء الي عدم قدرة العدو علي تحقيق الإنتصار بمفرده دون اللجوء إلى أبناء الشعب المعني سواء كان ذالك علي المستوي العسكري أو في الميادين السياسية و الديبلوماسية و الإعلامية.
حيث تقوم أجهزة المخابرات المختلفة بعملية معقدة لمتابعة و دراسة و تأطير الأشخاص للوصول إلى فئات المجتمع لتحقيق الاختراق الضروري في إطار إستراتيجية محددة.
الكل يعرف أن المحتل المغربى لم يفلح في ربح الحرب بل هو الذي لهث وراء وقف إطلاق النار لمدة سنوات و لم يحصل على ذلك إلا مقابل قبوله لممارسة الشعب الصحراوي لحقه الثابت و غير القابل للتصرف في تقرير المصير و الاستقلال.
و كل مناوراته لربح الوقت من اجل تشريع احتلاله لوطننا باءت بالفشل التام و ما زال يعتمد فقط على الاحتلال العسكري اللا شرعي و القمع الهمجي إلا أن ذلك وحده لا يكفي.
إن أكبر دليل على ذلك هو ركوع المغرب أمام الجمهورية الصحراوية التي يجلس اليوم إلي جانبها في الإتحاد الأفريقى و المؤتمرات الدولية بالإضافة إلى رفض المجتمع الدولي لأية سيادة مغربية على الصحراء الغربية و آخرها قرارات محكمة العدل الاوروبية.
لا غرو أن إستعمال المحتل المغربي للطابور الخامس، تحت أسماء قديمة او جديدة، يجد مبرره و تفسيره في فقدان تواجده في اجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية الي الشرعية.
إن لجوء المغرب الآن ، بعد خمسة و اربعين سنة من محاولات القضاء علي الكفاح التحريري للشعب الصحراوي، الي الخراطيش الفارغة و إلي عملية القنصليات الصورية بهدف تشريع الإحتلال عملية يائسة تثبت الفشل التام للاحتلال و الورطة التى يوجد عليها القصر المغربي و أجهزة مخابراته بعد أن تبخرت أحلامهم التوسعية و تحطمت على صخرة مقاومة و صمود الشعب الصحراوي.
إفلاس مشروع الإحتلال و الحرب العدوانية و التوسعية ضد الشعب الصحراوى دفعت بالمغرب المعتدي الي البحث عن العناوين الاستعمارية الكلاسيكية التي تظهر في المراحل و اللحظات الأخيرة الرامية إلى تسويق المبادرات البديلة عن الإستقلال علي غرار تجارب كل القوي الاستعمارية التي تنتهي بالبحث عن أنصاف الحلول قبل أن تعترف باستحالة اركاع الشعوب و ترضخ في النهاية إلي التسليم بالحق لتطوي آنذاك صفحة التعنت و العدوان.
و من أهم الاستنتاجات التي تفرض نفسها علي كل ملاحظ أو باحث هي أن العملاء و مجموعات الخونة يعملون علي تبرير جسامة خطوتهم المنبوذة من خلال تقديم مبررات شخصية واهية و قصص من محض الخيال تعتمد في الغالب علي شعارات الإقصاء و غياب الديمقراطية و فقدان إستراتيجية كفيلة باحراز النصر و الجمود في التفكير و ما الي ذلك من الشعارات و الدعاية التي لا يصدقها أحد و يكذبها واقع حركة تحرير نظمت 15 مؤتمرا في 47 سنة ضاربة رقما قياسيا علي الصعيد العالمى فيما يتعلق بنسبة المؤتمرات و عددها بالمقارنة مع عمرها. و تنسفها إنجازات تاريخية، سياسية، عسكرية، ديبلوماسية، ثقافية و علمية أجبرت المستعر الإسباني علي الرحيل كما ستفعل مع المحتل المغربى مهما ناور و تعنت.
إن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادى الذهب التي تقود نضال الشعب الصحراوي من أجل الإستقلال التام و السيادة لم تقص يوما أي صحراوي أو صحراوية يؤمنون بالاستقلال الوطني الذي أنشأت من أجل تحقيقه و سر وجودها يتمثل في تجسيده علي كامل التراب الوطني الصحراوى.
و كانت الجبهة الشعبية و ما زالت و ستبقي ذلك الإطار الوطني الجامع الذي لا يشترط من الإنسان الصحراوي للانضمام اليه سوي العمل من اجل الإستقلال و الإيمان به و الإلتزام بالدفاع عنه و ذلك هو أساس الوحدة الوطنية و إسمنتها.

و بالرغم من اعتقادها العميق بل إيمانها الذي لا يتزعزع بأن واجب كل مواطن صحراوي هو التمسك بحقوق شعبه و الدفاع عنها باعتبارها واجب وطني مقدس و فرض عين فان الجبهة الشعبية لم تولي أبدا أي إهتمام لمصير أي صحراوي أو صحراوية تخلوا او تقاعسوا عن أداء الواجب الوطني أو لم يساهموا في مجهود التحرير بطريقة من الطرق إلا انها تفرق بينهم و بين أولئك المجندين الذين يعملون، تحت أسماء أو يافطات مختلفة، لصالح مشروع المحتل المغربى الدخيل بهدف مصادرة حقوق الشعب الصحراوي فى تقرير المصير و الاستقلال.
الصحراويون الذين يعملون ضد الإستقلال، بسبب أية ذريعة أو تحت اي إسم، تعتبرهم الجبهة خونة و اعوان و عملاء للاحتلال المغربي و مناهضين لحقوق الشعب الصحراوي في الحرية والكرامة و السيادة.
و بالرغم من كل ما سبق ذكره فإن الجبهة الشعبية المتمسكة بالكفاح بكل السبل و الوسائل من أجل الإستقلال التام ستبقي متمسكة بضرورة ممارسة الشعب الصحراوي لحقوقه كاملة ليختار مستقبله ضمن الخيارات التي يحددها القانون الدولى كما جاءت في لائحة الجمعية العامة 1541 لسنة 1960 التي تعتبر مكملة للإعلان الخاص بمنح الإستقلال للبلدان و الشعوب المستعمرة الذي تضمنته اللائحة 1514 لسنة 1960.
إن هذا المسعي الذي يعترف أن الشعب الصحراوي مالك السيادة هو صاحب كلمة الفصل سيبقي الطريق الذي لن تحيد عنه الجبهة الشعبية قيد انملة و لن تسمح للمحتل و أعوانه و حلفائه القفز عليه او تحويره عن مساره.
و ستبقي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادى الذهب، علي كل حال، تكافح حتي تحرير آخر شبر من الجمهورية الصحراوية سلما أو بالقتال.

كفاح، صمود وتضحية من اجل استكمال سيادة الدولة الصحراوية.

التوقيع: أمانة الدراسات والبحوث