قصة نموذجية من اساليب اجهزة المخابرات المغربية القذرة في التعامل مع معتقلي الريف.

ربيع الابلق قبل الاعتقال

 ربيع الأبلق يتحدث :  ” قبل أن أعتقل حتى، زارني شخص في عملي وعرض علي جواز سفر وتأشيرة الذهاب للديار الهولندية مقابل أجرة شهرية قدرها 3000 درهم مقابل استلام مبلغ مالي كبير وتسليمه للزفزافي ليتم تصويرنا خفية .. وكل هذا صرحت به أمام قاضي التحقيق، وتأكيدا مني لما أقوله أشرت عليه بأن يطلب سجل مكالماتي الهاتفية لأن كل ما قيل لي في مقر عملي من قبل الشخص المذكور آنفا قد أعيد اقتراحه علي في الهاتف أكثر من مرة مع تهديدي بالسجن لمدة طويلة إن أنا رفضت الانصياع لأوامرهم والرقم الذي كانوا يتصلون به هو 19******06  وهو يعود لضابط في المخابرات يقطن بجوار الحي الذي يتواجد فيه بيت العائلة .. فقال لي قاضي التحقيق بالحرف الواحد ” الهاتف ديالك ماشي مراقب ” … لأتفاجأ في المحكمة أن هاتفي كان مراقبا من 01/12/2016 الى غاية اليوم الذي تم اعتقالي فيه… 

وقد تم الحكم  عليه دون أن يتمكَّن من عرض أدلة براءته وبراءة الحراك كله؛ إذ طيلة فترة المحاكمة ظَلَّ مصرًّا على عرض مضمون تلك المكالمات دون أن يجد آذانا صاغية.

الإعتقال والتعذيب

يوم 28/05/2017 ، عند الساعة الرابعة بعد الزوال، قرب مسجد أحد بحي مرموشة، فاجأه أربعة أشخاص بزي مدني، آمرين إياه بعدم الإتيان بأية حركة وأنهم من الشرطة، بل وأشهروا مسدسا في وجهه.

وهنا يحكي ربيع الأبلق ويقول “بعد اعتقالي تم تكبيلي واقتيادي إلى بادس.. هناك اتصل أحد رجال المخابرات هاتفيا بشخص قائلا له: ” الأبلق معانا اهنا آش غانديرو بيه ” وهنا ظننت أنهم سيقومون بقتلي فصرخت وصرخت وصرخت ليحدثني قائلا ومسدسه مصوب إلى رأسي ” أنا صايم غادي اتزيد كلمة وحدة غادي انتيري افدين امك  ” …  ثم يستأنف ربيع حديثه ويقول ” من بعد بادس تم اقتيادي لمخفر الشرطة بالحسيمة ( مكبل اليدين ومغطى الرأس ) وهناك وجدت عصام الكوميسير  في انتظاري رفقة شخص زارني قبل اعتقالي في مقر عملي، فخاطبني هذا الأخير قائلا: ” ياك قولنا ليك الزفزافي ضروري ما يتعتاقل .. قولتها ليك أولا لا، ياك قولت ليك غادي تمشي للحبس ايلا مابغيتيش تتعاون معانا “، وهنا بدأ السب والشتم والتعذيب …

وفي هذا يقول الأستاذ  عبد الصادق البوشتاوي ” ربيع الأبلق تعرض للتعذيب والممارسات القاسية والمهينة الحاطة بالكرامة في مخفر الشرطة بالحسيمة وفي مقر الفرقة الوطنية خلال الحراسة النظرية لإرغامه على توقيع محضر يتضمن تصريحات لم تصدر عنه وهي السببب  الرئيسي في دخوله في اضرابات متعددة” وهذا التعذيب الذي يتحدث عنه الأستاذ البوشتاوي مضمن في محضر الاستنطاق التفصيلي وكان صادما حتى لقاضي التحقيق وللدفاع الذي كان حاضرا؛ إذ أخبرنا أحد أعضاء- بصفتنا عائلة ربيع – أنهم كانوا يبكون من شدة هول ما كان يقصه ربيع على قاضي التحقيق وفي تخابرهم معه.. 

بل وإن ربيع ختم تصريحاته عند قاضي التحقيق  بقوله ” أنه هُدِّدَ بالقتل ولو داخل السجن إن هو حكى لأحد ما جرى داخل مقر الفرقة الوطنية من محاولات لإغراق ناصر  الزفزافي وما إلى ذلك، وهذا التهديد مضمن في قرار الإحالة الصادر عن قاضي التحقيق.

بل وقد حاولوا تنفيذ تهديدهم ؛ فها هو ربيع يقول ” يوم الثلاثاء 28/11/2017  تم   ” العبث ” _ إن صح التعبير _ في أكلنا.. وقد قضيت ليلة اليوم الموالي بالكامل وأنا أتقيئ وأعاني من آلام حادة على مستوى المعدة بل وفي العينين حتى ، وهذه تفاصيل ما حدث في ذلك اليوم ” بعد انتهاء جلسة المحكمة تمت إعادتنا لزنازننا، أكلنا نحن الثلاثة ( أنا وزميلاي في الزنزانة ) ما تَيَسَّر ثم تناولت قنينة مشروب غازي ( بيبسي ) كانت في حوزتنا في الزنزانة، شربت منها أكثر من مرة قبل ذلك اليوم الأسود، غير أن شَرْبَة يوم الثلاثاء 28/11/2017 كادت تودي بحياتي، ليلة كاملة وأنا أتقيئ وأعتصر ألما على مستوى المعدة والعينين… وكما أسلفت سابقا فقد أشعرت الوكيل العام للملك في حينه..

 يوم الأربعاء  06/12/2017  زارني في السجن عناصر الفرقة الوطنية للاستماع إِلَيَّ بخصوص أحداث يوم الثلاثاء 28/11/2017 مما يعني أن الوكيل العام قد توصل بمراسلتي .. ولكن الغريب في الأمر هو أن عناصر الفرقة الوطنية الذين زاروني شرعوا في كتابة محضر على هواهم لا ما أُصَرِّحُ به أنا، الأمر الذي دفعني للاعتراض ثم الانسحاب، طالما لن يدونوا في المحضر ما أُصَرِّحُ به شخصيا.. ومرة ثانية قمت بإشعار الوكيل العام بهذا المستجد، غير أني لم أتلق أي جواب..

هل سمح للضحية بالاتصال بأسرته أو محاميه بعد القبض عليه؟ متى سمح له بالاتصال بأسرته أو محاميه للمرة الأولى؟

لم يسمح له بإجراء اتصال مع محاميه، اللهم إلا عندما قام محاميان بزيارته في مقر الفرقة الوطنية بعد نقلهم وذلك بعد مرور 4 أيام عن الاختطاف .. 

أما الإتصال بالعائلة فلم يتم إلا بعد مضي أربعة أيام من الاختطاف، ولم يكن هو من اتصل، بل اتصل شخص عرَّف عن نفسه بكونه ” الأمن ” ليخبرنا أن ربيع محتجز عندهم في الدار البيضاء.

وكعائلته  عندما كنا نسأل في مخفر الشرطة بالحسيمة إن كان معتقلا، كان يقال لنا بأنه لا وجود لأحد عندهم بهذا الإسم، ففي اليوم الموالي للاعتقال  29/05/2017  توجهت الوالدة _ وبالضبط مع الساعة السادسة صباحا _ لمخفر الشرطة حتى تستفسر، أحد رجال الشرطة الذي قال لها بالحرف الواحد ” ماعنديش حق ندوي معاك، سيري حتى للتاسعة صباحا أورجعي، وفعلا مع التاسعة رجعات لقات تما واحد البوليسي يمكن انقولوا عليه انسان أولا فيه الانسانية ، قال ليها أشريفة هاد الولد اللي كاتسولي عليه والله ماعندنا هنا، ولكن باش تتأكدي طلعي للوكيل العام عند محكمة الاستئناف راه هاد الصبح تم ترحيل بعض الأشخاص يمكن ايكون بيناتهوم، فعلا طلعات ، مابغاش ايستقبلها، قال ليها شي حد تما ” قال ليك سيري أورجعي مع الثالثة مساء”

الحكم:

يوم 26 يوليو2017 تم الحكم عليه بخمس سنوات سجن نافذ، دون أن يُمَكَّن من عرض أدلة براءته؛ إذ يقول بأن مسؤولا نافذا اتصل به وأخبره أنهم _ أي الدولة _ هي المسؤولة عن أحداث الشغب التي حدثت في الحسيمة، فقد دفعوا لبعضهم المال حتى يفعلوا بعض الأفعال التي ستنسب فيما بعد لنشطاء الحراك.

بعد الحكم النهائي تم ترحيله من الدار البيضاء  رفقة زملائه  لسجن طنجة 2، وكان مضربا عن الطعام، الأمر الذي فرض عليه الاستغناء عن الكثير من حاجياته التي كان يتوفر عليها في سجن عكاشة، خصوصا الثقيلة منها؛ لأنه عجز عن حملها .